إيه اللي خمس سنين من الملاكمة علمتهوني عن الحياة

ترجمة: تسنيم عبدالله

كتبت: ميرنا فوزي

أهلي كانوا حريصين أوي إنهم يعلمونا رياضة وإحنا صغيرين

بفتكر قد إيه أهلي كانوا عايزين يعلموني أي رياضة بأي طريقة. جربت دروس باليه وأنا عندي ثلاث سنين؛ وكنت بعيط كل مرة بروح فيها ومارجعتش تاني. وجربت السكواش كمان، وكرة السلة، وكمان السباحة. وطبعا الرياضات القتالية عمرها ما جت في بالهم. هاتعمل إيه بنت في رياضة قتالية؟

اكتشفت شغفي بالملاكمة وأنا عندي 17 سنة. وعكس كل التوقعات، لإني كنت بنت صغيرة ومن مجتمع مختلف تماماً عن مجتمع الملاكمة: أقصر من كل اللي بيتدربوا معايا، واللي كانوا أغلبهم، ولاد؛ وماكنتش أرشقهم وقتها كمان.

أهلي عمرهم ما تقبلوا الفكرة، بس كانوا بيشجعوني. عمري ما انسى اليوم اللي أبويا قالي فيه إنه مش فخور إن بنته بتلعب ملاكمة، بس برضه مانساش ابدأ اليوم اللي اعترف فيه أخيراً إنه بقى فخور باللي أنا حققته.

النهاردة أقدر أقول إن رياضة الملاكمة كانت احسن قرار أخدته في حياتي. إني بقيت ملاكمة محترفة علمني أهم دروس اتعلمتها في حياتي لحد النهاردة. واسمحولي اشارككم شوية منهم.

1- لازم دايماً تكمل

 

“الحياة ليست حول أقوى ضربة يمكن أن تضربها، ولكن حول كم ضربة يمكن أن تتلقاها دون أن تسقط أو تتراجع.” روكي بالبوا

طبعاً كلنا عارفين المقولة المشهورة من فيلم روكي بالبوا. حتى اللي مش مهتمين بالملاكمة، الفيلم ده كان ملهم جداً لناس كتير، والمقولة دي حقيقية وواقعية جداً مش بس في الملاكمة، لكن كمان في الحياة. انت لازم تكمل. مهما كانت الظروف صعبة، مهما حسيت بالتعب، لازم تفضل مكمل. مش عيب تقع؛ لكن العيب هو إنك ماتقمش تقف تاني على رجلك.

 

2- الحياة رقصة!

في ناس بتشوف الملاكمة على إنها رقصة بين اتنين. وإحنا كمان ساعات بنسميها رقصة. والسبب هو إنك بتتعلم والسبب هو إنك بتتعلم إزاي ترد على حركات الخصم، والعكس. فلو إنت مش مركز مع حركات خصمك الرقصة مش هاتبقى كاملة، وطرف واحد هايبقى بيرقص مع نفسه.

نفس الفكرة في الحياة: في العلاقات الأسرية ومع الصحاب. دائماً اتعامل بناءً على أفعال الناس اللي حواليك؛ يعني ماتبخلش على أمك اللي ادتك كل حاجة، علشان ماتندمش بعدين. وماتديش كتير لحد مايستاهلش، وإلا هاتخسر!

 

3- حارب علشان الهدف الصح

اختار معاركك بحكمة. مش لازم تستنزف طاقتك وتحارب في كل حاجة وانت عارف إنها مش هاتفيدك، بالعكس هاتضرك. في الملاكمة، بتقدر نفرق لو اللعبة مبنية على غضب بين الخصمين أو لو مفيش اتفاق بينهم. ونفس الفكرة في الحياة، مش لازم تدخل في كل جدال بتتحط فيه. انت مش مجبر تثبت أي حاجة لأي حد. لو في موقف هايعطل نموك وتقدمك في الحياة أبعد عنه، لمصلحتك.

4- عيش اللحظة

في الملاكمة مش بيبقى هدفنا إننا نفوز في المباراة كلها. لما بنبقى في الحلبة، تركيزنا كله بيبقى على الجولة اللي بنلعب فيها بس –جولة واحدة ورا التانية. وفي وقت اللعب التركيز مش بيبقى في الحركة اللي هاتلعبها بعد كدة، لازم تركيزك كله يبقى في الحاضر، في اللحظة اللي انت فيها. لو ذهنك مش صافي ومش حاضر هاتاخد الخبطات والهجمات كلها، ومش هاتعرف تدافع. في الحياة دايماً بنركز على بكرا، وبعد كدة، والمستقبل، والخطط والأحلام. وبتروح مننا كل فرصة نقدر نستمتع فيها بالحاضر. فلازم نركز على اللحظة اللي احنا عايشينها، اللي هاترشدنا للخطوات في المستقبل.

الملاكمة مش اللي بنشوفها على التلفيزيون بس. الموضوع أكبر من اللي بنشوفه، أكبر من قوة جسدية وانفعالات عصبية.

الملاكمة زي الحياة، بتتطلب صبر، احترام ، لطف، تعاطف، وشغف باللي بمبادئهم. علشان كدة الملاكمات الستات بيضيفوا كتير جداً لأي جولة بيلعبوها. لإن الستات أصلا بيحاربوا كل يوم في حياتهم: تنافسيات، عادلات، شغوفات، ولطيفات جداً؛ بيكملوا برغم الألم، والصعوبات والذل اللي بيمروا بيه.

وبما إن الملاكمة علمتني كتير أوي، بتمنى من كل قلبي إن الأهالي يسمحوا لبناتهم يلعبوا أي رياضة يختاروها، مهما كانت “مش بناتي” خلوها تختار هي عايزة تبقى، وتلاقي شغفها، وتبقى بطلة، وتنجح وتحس بالانجاز في حياتها. وانتوا كمان هاتحسوا إنكوا فخورين بيها جداً. صدقوني، واسألوا أبويا!

 

ميرنا فوزي

لاعبة ملاكمة سابقة، بتحب الرياضة جداً!

شغفها هو الملاكمة واللياقة البدنية. بتحب الكتابة، الخبيز، وطبخ الأكل الصحي. كتاب حلو وكوباية قهوة هما الجنة بالنسبالها.

 

 

No Comments Yet

Leave a Reply

Your email address will not be published.