وأنا صغيرة ماكنش عندي فكرة خالص عن مفهوم الاختلاف في المدرسة، كنّا شبه بعض، بنلبس زي بعض بنزيد وبننقص مع بعض. كنت بشوف أطفال شُقر في إعلانات التلفزيون، بس ماكنش في حاجة واضحة تفتح عينيا على فكرة الاختلاف، لحد ما اتخرجت وبدأت أتواصل مع العالم الخارجي لأول مرة. لكن أول تجربة حقيقية ليا مع المفهوم ده كانت خلال السنين اللي كنت بشتغل فيها، لإني سافرت بلاد كتير، وغيرت مكان إقامتي السنة اللي فاتت.
في واحدة من محادثاتي الملهمة والممتعة مع مارينا، بنتي، كنت عايزة أوصل لفِكرها الجميل مفهوم الإختلاف، خصوصاً إنها عايشة في مجتمع دولي، وحواليها أطفال من كل أنحاء العالم.
سألتها عن صحابها، جايين منين، شكلهم عامل إزاي، بتتكلم معاهم بأنهي لغة. قالتلي إن عندها صاحبتها فيرونيكا من السعودية، وصاحبها فهد من مصر. ماكنش عندها أي دافع إنها تصنفهم على أساس اسمهم، لونهم، أو حتى شكلهم ولبسهم. كلامها فكرني بالوقت اللي كنت راكبة فيه قطار داخلي في ألمانيا، طول الطريق كنت بتكلم مع الراكب اللي جنبي عن اختلاف الثقافات، وسألني أنا منين. قلتله من مصر. اتصدم! كان فاكر اني من بريطانيا علشان اللهجة بتاعتي؛ اتكلمنا واتناقشنا وسمعنا بعض، ماحكمش عليا بناءً على شكلي.
الكلام اللي فوق ده مثال على الفطرة النقية، الطيبة اللي بتبقى في أولادنا قبل ما تغيرهم وتأثر في السوشيال ميديا، وتضغط عليهم وتجيبلهم اضطراب في الهوية. مين قال إن “البياض” أحلى حاجة؟ وإن الشعر لازم يكون “مفرود” علشان تبقي حلوة؟ ليه بدخل أولادنا في المتاهات دي كلها، اللي بتخليهم مش مرتاحين في شكلهم وعايزين يتغيروا من سن صغيرة جداً؛ بشوف أمهات بياخدوا بناتهم اللي ماكملوش سبع سنين للكوافير علشان يفرد شعرها! كل ده علشان إحنا بقينا ماديين أوي، وبنقدر قيمة الحاجات على أساس شكلها، مابقاش يهمنا مضمونها. التنمرفي المدارس بيحصل بسبب افتقادنا لتقبّل الآخر. ودي أفكار ومبادئ بنتربى عليها في البيت مش في المدرسة.
أرجوكم علموا أولادكم التواضع، وقبول اختلاف الغير من صغرهم؛ علموهم يقبلوا كل الأعراق، وكل الأديان. خلوهم يكونوا أذكياء في مجتمع قاسي زي مجتمعنا، مابيشوفش غير المظهر من برّه ومابيهمهوش حقيقة الأشياء ومضمونها.
قلبي بيتكسر لما بلاقي ولاد مراهقين بيبصوا لبعض باستعلاء، وبيحكموا على بعض من المظهر، والماديات. الأولاد دول هما نتاج آبائهم وأفكارهم. خلي بالك من كلامك، وفكر تأثير كل تصرف أو كلمة بتقولها هايبقى عامل إزاي على تفكير أولادك. وماتنساش الاختلاف مش بس في المظهر الخارجي، لكن كمان في الأفكار. مش لازم كل العقول تفكرزي بعض؛ لكن لازم يفكروا مع بعض.