حوار: علياء سليمان
ترجمة نوران العشري
كانت الساعة 3 الفجر لما سِمعت الجرس بيرن وهي قاعدة في البيت لوحدها ومش عارفة مين اللي ممكن يجيلها في الوقت ده ولما فتحت لقت ولد واقف على بابها وبيقولها، “ماما عزة، أنا هربت من دار الأيتام وجاي أعيش معاكي.”
اتصدمت ومكانتش عارفة ممكن تقوله إيه وكان ردها عليه إنه يرجع الملجأ دلوقتي والصبح هي هتروح تقابله. “فضلت أعيط طول الليل وحسيت نفسي زي والدته اللي لفظته زمان، أنا كمان جيت ألفظه دلوقتي. كان عندي عذري في الوقت ده، دي مسئولية جنائية إني أدخل ولد البيت وهربان وقاصر، بس الموقف ده كان نقطة فارقة في حياتي وغير نظرتي للأيتام،” قالت عزة عبد الحميد وهي بتفتكر أول مرة حست فيها إن في مشكلة في ملاجئ الأيتام في مصر.
عزة اتخرجت من آداب إنجليزي وبتشوف إن الأدب قوّى الجزء الإنساني عندها. “لما تقرا حاجة زي أوليفر تويست وتشوف ازاي الأيتام بيتعاملوا، أكيد هيأثر على شخصيتك وطريقة تفكيرك،” قالت عزة.
لحد ما كان عندها أربعين سنة، عزة كانت بتزور دور الأيتام بشكل عادي زي معظم المصريين ومكنش بيربطها بالملاجئ أي علاقة عمل. في الوقت ده، عزة كانت بتساعد الأطفال ضعاف السمع عن طريق ال Verbo tonal method وهي طريقة بتساعد ضعاف السمع عن طريق العظم من غير ما يعتمد بشكل أساسي على لغة الإشارة. ده خلاها تأسس مؤسسة نداء في 1997 عشان تكون على شكل حضانة تأهيل مبكر للأطفال ضعاف السمع.
بعد تجربتها الناجحة مع نداء، وبسبب زياراتها المتكررة لدور الأيتام، حسّت عزة إنها لازم تعمل حاجة للأطفال دي. “مرة كنت بزور دار أيتام ولقيت إن في أطفال عنيفة أو عندها تلعثم ولما سألت عرفت إن دول بيعانوا من الإكتئاب فبياخدوا أدوية. بعدها عرفت إنهم بيدوا الأطفال أدوية عشان تهديهم،” قالت عزة.
بعد سنتين من البحث، على المستوى المحلي والدولي، أسست عزة جمعية وطنية لتنمية وتطوير دور الأيتام في 2008 لتثبيت جودة المعايير وسياسات حماية الطفل المناسبة للمجتمع المصري. “بدأت أروح دور أيتام عشان ألاحظ بس. كنت بشوف ازاي الناس بتعاملهم. بدأت أشوف كل الحاجات اللي كنت بعملها لما كنت بشارك في ده في الزيارات،” قالت عزة.
وطنية بتقدم مبادرات مختلفة بتشتغل على تمكين ودعم الأيتام، دور الأيتام، المسئولين والمجتمع ككل. جمعية وطنية بتشتغل كمان على برامج رعاية أطفال بديلة وبرامج تجهيز الشباب لسوق العمل وبتساعدهم يحددوا موهبتهم. هم بيهتموا كمان بتقديم مؤتمرات وندوات ومنح تعليمية وهم أول مركز معتمد للتدريب المهني. “احنا بنأيد وبنقدم فرص متكافئة للشباب. كتير منهم بينضم للشغل معانا بعد التخرج بسبب البيئة اللي عندنا،” قالت عزة.
بجانب البرامج دي، وطنية عملت اتفاقية تعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي لمتابعة كل دور الأيتام عن طريق برامج احترافية وتقييم وإشراف ودعم تقني. الوزيرة غادة والي تفهمت مبدأهم وهدفهم وخصصت لجنة من الوزارة عشان تتفحص جودة المعايير ومنظمات غير حكومية تانية وفي 2014، خلت المعايير دي إجبارية لكل دور الأيتام.
“اعرفني أنا مش بس يتيم” كانت واحدة من حملات التوعية المبدعة ليهم لكسر الصور النمطية اللي بيتحط فيها الأيتام. “لما حد بيقول انه كبر في دار أيتام، بيخلف سور بينه وبين اللي بيكلمه. لما بيتقال إنه يتيم، على طول بتترجم إن الطفل ده اتولد بطريقة غير شرعية أو انه مش واصل لمعايير المجتمع،” شرحت عزة سبب اهتمامهم بالجزء النفسي للأطفال كمان.
بالنسبة لعزة، الصلابة النفسية هي أقصى مؤشر للنجاح. “احنا عايزينهم متمكنين ويقدروا يقولوا “اه احنا أيتام” لأنهم أول ما يعدوا الحاجز ده بيقدروا يهزموا مخاوفهم،” قالت عزة.
لأي حد بيفكر في إنشاء جمعية غير هادفة للربح، عزة عندها بعض النصايح، “لازم يبقى عندكم طموح عالي وتقدموا أحسن حاجة للأطفال. صدقوا في اللي انتوا بتعملوه. اصبروا لأن النتايج بتاخد وقت عشان تظهر. لازم يبقوا عندكوا صف تاني من الكوادر وتآمنوا بالتخصص. محدش عارف كل حاجة. لازم تضموا ناس متخصصين.”
تقدروا تشوفوا موقع وطنية من هنا https://wataneya.org/ar/ وتعرفوا كل تفاصيل مشروعاتهم وكيفية التبرع والتطوع.