سن الإنجاز مش سن اليأس: بطلات حققوا أحلامهم بعد ال50

ترجمة: نوران العشري 

السؤال عن السن غالبًا بيبقى قرار صعب وجايز تتردد قبل ما تاخده وتحرج نفسك أو تحرج الشخص اللي قدامك. بس لو السؤال موجه لستات رياضيات قويات  لقوا حرية جديدة في سن كبير، الإجابة دايمًا هتطلع بفخر وحب لسن الخمسين والستين والسبعين اللي هم فيه.. لأنه مش عيب علي سنك…

بمايوه سباحة وعجلة وجزمة باليه، قابلنا تلات ستات مميزات تراوح  سنّهم بين تسعة وأربعين وستة وسبعين، والتلاتة بينهم عنصر مشترك وهو إنهم بدأوا ممارسة الرياضة في سن كبير عشان يثبتوا لنا إن العزيمة والإصرار لو اتجمعوا في شخص واحد، ممكن تحصل معجزات. 

التلات بطلات هم مثال حي على إن السن عمره ما يبقى عائق قدام الأحلام، بالعكس، التلاتة اكتشفوا -أو جددوا اكتشاف-  حبهم للسباحة، الباليه والثلاثي في سن متأخر عن المعتاد. 

 

نجوى غراب: الرجوع للسباحة في سن الستة وسبعين

الموضوع بدأ لما بطلة فريق سباحة الأساتذة العالمية، نجوى غراب، 76، تقاعدت عن عملها كمُدرسة وقررت إنها تعوم في حمام السباحة الأوليمبي في سن الستين.  

في يوم تصوير الغلاف، دخلت نجوى غراب بلبسها الرياضي وروحها الشبابية وفتحت بتلقائية شنطة ظهرها اللي كانت مليانة ميداليات وشهادات ودروع. شخصية نجوى المشاكسة والإيجابية بالإضافة لمقاومتها وروحها بتذهل وتفاجئ أي حد يشوفها وبتبهرهم بالبطلة اللي عندها ما يقرب السبعة وسبعين سنة. 

الحماس اشتعل مع نجوى بعد سن الستين، سن التقاعد، وحست ان دي الفرصة اللي كانت مستنياها. قالت نجوى، “أنا مستنية حريتي دي من زمان، من ستين سنة مستنياها. التقاعد عن العمل. التقاعد عن المسئولية. بس سن الستين سنة ده مسموش سن التقاعد، ده سن الانطلاق والحرية.”

“أنا مستنية حريتي دي من زمان، من ستين سنة مستنياها. التقاعد عن العمل. التقاعد عن المسئولية. بس سن الستين سنة ده مسموش سن التقاعد، ده سن الانطلاق والحرية.”

نجوى حققت إنجازات محلية ودولية مختلفة، و شاركت في ست بطولات دولية لكبار السن وفازت بحداشر ميدالية عالمية. 

“شاركت في أول بطولة عالم في 2010 وكان عندي 68 سنة،” قالت نجوى، المُحبة للتحدي، واللي شاركت في بطولة فرنسا الوطنية للكبار وفازت بالميدالية الذهبية مرتين. 

نجوى قالت، “كنت الأجنبية الوحيدة اللي تشارك في بطولة سباحة الأساتذة الوطنية للولايات المتحدة الأمريكية سنة 2016 وفزت بتلات ميداليات. كنت مبسوطة جدا بالميدالية الفضية لسباق الخمسين متر خلفي بالذات.” 

تحديات كتير بتقابل كل الناس، حتى الأبطال اللي زي نجوى، بس هي مابتسيبش الحاجات دي تقف في طريقها. من البطولات الصعبة في حياة نجوى كانت بطولة جنوب كوريا وكانت عارفة انها رايحة مع “فطاحل العالم في السباحة” وكان حلمها ان في سنها ده تاخد ميدالية واحدة لكنها فازت بأربعة. “كنت بطلع المنصة في المرة دي مش بابتسامة نجاح، ده رقص بقى،” قالت نجوى معبرة عن احتفالها بالبطولة. 

في الحديث مع نجوى عن انجازاتها، نجوى مش بس بتثبت إن السن مجرد رقم، لا دي بتأكد أهمية إن الناس – وبالذات وسائل الإعلام- لازم يذكروا عمرها كجزء من قصتها لأن دي حاجة هي بتفخر بيها. “في 2011، خدت المركز التاني في بطولة فرنسا الوطنية وجه الاتحاد الفرنسي يلبسني الميدالية لقيت الجمهور كله قام وقف احترامًا للمرأة المصرية. كنت عايزة الناس تعرف اني واخدة الموضوع بجدية عشان أشرف مصر بشكل مناسب. في سني -وبتدريبي- أقدر أنافس وأقدر أكسب،” قالت نجوى. 

نجوى أثبتت لنا إن الإيجابية، الإلتزام، الشغف، المقاومة والإيمان القوي بقدراتها قادرين إنهم يعملوا معجزات. 

كان بيُطلق عليها اسم “نجوى المتمردة” لما كانت بتنافس في فرنسا وقالت نجوى، “لما كنت بنافس في أوروبا، كنت عايزة أغير نظرة بعض الدول الأوروبية للمرأة المصرية. كنت عايزة أوريهم الست المصرية ممكن تعمل إيه في سني.” 

ورا النجاح ده بيبقى دايمًا في إصرار وعزيمة قوية، فنجوى بتتدرب لشهور طويلة قبل ما تشارك في أي بطولة وبيبقى مهم دايمًا بالنسبة لها إنها تتدرب في مصر وعلى إيد مدربين مصريين. 

نجوى بترجع الفضل للي هي فيه لمدربها د/أحمد القاضي اللي لولاه مكانتش وصلت للي هي فيه. 

في رحلتها للوصول، نجوى بتُعتبر شخصية ملهمة لناس كتير بيشوفوها وبتأكدلهم إن مفيش وقت أو سن معين لتحقيق الحلم. قالت نجوى إنها قابلت سباح في كوريا وقال لها، “أنا رجعت للسباحة بفضلك. شفتك في التلفزيون وانتي بتتكلمي مع منى الشاذلي ومن يومها وأنا قررت أرجع تاني وأديني رجعت واتدربت وبشترك حاليًا في بطولة العالم.” 

نجوى أم لتلات أبناء بتُعتبر مصدر فخر ليهم زي ما هي فخر لمصريين كتير. “والله دي سعادة مش بس لأحفادي، للجيران وأنا ماشية.. الجيران لما بتنزل تسلم عليا، الأمن لما بعدي في حتة ويجي يسلم عليا. مش عايزة أقول ان أحفادي بس أو أولادي هم اللي حاسّين بده، لا المجتمع المصري بصفة عامة،” قالت نجوى. 

تأثير نجوى وإلهامها بيوصل للستات اللي بتقابلهم في الشارع. حكت نجوى عن واحدة قابلتها في البنك وجت تسلم عليها وتشكرها ولما سألتها نجوى عن السبب قالتلها، “أنا كنت عيانة ووهم المرض سيطر عليا، لما شفتك في التلفزيون قلت لا أنا هنزل. نزلت بقيت طبيعية بفضل الموقف اللي انتي حكيتي فيه عن الإنجازات بتاعتك.”

إيمان نجوى بقضاء ربنا وثقتها في خططه باينة على روحها وشخصيتها وده اتأكد لما حكت عن قلق بنتها من  سفرها لوحدها في السن ده وإنها ممكن تتعب وميبقاش معاها حد. كان رد نجوى على بنتها، “هو أنا لو القدر جالي دلوقتي وأنا قاعدة معاكوا، حد هيمنعه؟” اللي ربنا كاتبهولي هيحصل في أي مكان وفي أي وقت.”

“هو أنا لو القدر جالي دلوقتي وأنا قاعدة معاكوا، حد هيمنعه؟” اللي ربنا كاتبهولي هيحصل في أي مكان وفي أي وقت.”

هي مش بس قدوة ومصدر إلهام للسيدات الأكبر من خمسين سنة، بس لأي حد يعرف قصتها عامةً، نجوى غراب بتوجه رسالة لكل الستات وبتقول لهم، “لو عندِك حلم خليكي وراه. خليكوا أقويا، متخلوش حاجة تأثر عليكوا وخلّي الإيجابية في الحياة عندكوا هي الهدف الأول والهدف الأخير.”

 

المرأة الحديدية: بطلة الثلاثية صاحبة التلاتة وخمسين سنة أماني خليل

180 كم على العجلة و42 كم سباق ماراثون وحوالي أربعة كيلومتر سباحة ورا بعض من غير ما تقف، أماني خليل، 53 سنة، بطلة الثلاثي الحديث بتتحدى كل التوقعات اللي ممكن حد يحطها لست في الخمسينات.

أماني هي أول ست مصرية فوق الخمسين تشارك -وتفوز- بسباق الرجل الحديدي The Ironman Triathlon في برشلونة، أسبانيا يوم 2 أكتوبر 2016. قالت أماني، “أول مرة أشارك في السباق الثلاثي كان عندي سبعة وأربعين سنة.”

مع احترافها في الجري، وركوب العجل والسباحة، أماني حكت إن رحلتها بدأت في الأساس مع الجري. لما عاشت أماني في أمريكا كانت متفاجئة من الناس اللي بتجري في الشارع كل يوم وهي مش بتعمل كدة. 

أماني كانت شايفة الناس اللي بتجري في الشارع وهم مبسوطين ولياقتهم عالية وأُعجبت بده. “قلت أجرب مرة ونزلت جريت ساعة الصبح والأولاد نايمين،” قالت أماني. 

أماني بدأت تتدرب مع مجموعة شباب آمنوا بيها وشجعوها. قالت أماني، “كان ممكن ببساطة يبصولي على إني أُم وست كبيرة جاية تتدرب معاهم بس هم شافوا قد إيه كنت واخدة الموضوع بجد وحباه.”

شاركت أماني في ثلاثي سهل حشيش وبعدها سباق نصف الرجل الحديدي في برشلونة. “مكسبتش سباق نصف الرجل الحديدي في الأول بالمناسبة، لكني بدأت أتدرب مع مدربة محترفة وقدرت أكسب وبعدها فزت بسباق الرجل الحديدي،” قالت أماني. 

أكبر دعم اكتسبته أماني جه من أسرتها، فهي أم لولدين وبالنسبة لها أسرتها هي سبب رئيسي في نجاحها. قالت أماني، “في أول ماراثون ليا ولادي كان واحد عنده تلات سنين والتاني سنة ونص ويومها الصبح جوزي وولادي وحمايا وحماتي جم وصلوني الساعة 6 الصبح وكانوا واقفين جنبي.”

أماني مؤمنة بإن مدربتها كانت أكبر مُسانديها. قالت أماني عنها، “هي أول ست مصرية تفوز بسباق الرجل الحديدي. لما اتعرفنا، حكيتلها قد إيه أثر فيا اني مفزتش بسباق نصف الرجل الحديدي في المحاولة الأولى ليا وقعدت تديني من خبرتها. كانت عايزة تشوفني بحقق اللي هي بالفعل حققته قبل كدة.”

أماني قارنت بين الجري وممارسة الرياضة في مصر وأمريكا وقالت إنها فاكرة لما الناس قالولها إنهم مش متعودين يشوفوا الناس بتجري في الشارع، بالذات الستات. “كنت بجري في الشارع. اه كان ساعات بيبقى في تحرش لفظي وساعات كلاب بتجري ورايا بس فضلت أجري.” قالت أماني. 

“كنت بجري في الشارع. اه كان ساعات بيبقى في تحرش لفظي وساعات كلاب بتجري ورايا بس فضلت أجري.”

أماني مبتتأثرش بالتعليقات اللي بتسمعها كتير زي “مش حاسة انك كبيرة ع اللي بتعمليه ده؟” و “بتجرى عشان توصلي لإيه؟” قالت أماني، “في تدريباتي للرجل الحديدي، كنت بحتاج أتدرب في الشارع. كنت بواجه تحرش لفظي خصوصًا من سواقين الأتوبيسات وهم شايفني على العجلة وبيسألوني أنا راجل ولا ست. الحمد لله لما السباق الثلاثي اتشهر الناس بدأت تركب عجل في الشارع، حتى الستات.” 

أماني علقت على موضوع السن بالذات عند الستات وقالت، “أي حد بيعرف سني بيستغرب. من غير ولا عملية تجميل أو أي نوع من الأدوية. أهم حاجة عشان المحافظة على الشكل والسن هي الرياضة. الرياضة بتجيب سعادة.” 

أماني وجهت رسالة لكل الستات وقالت، “مش المفروض حد يتقيد بسن معين. احنا عندنا ستات بتلعب  رياضة من أعمار مختلفة زي فريدة عثمان، نجوى غراب وغيرهم كتير.” 

“هم ستات. بينافسوا وبيتحدّوا نفسهم، عندهم شغل وعائلات، بس بيبصوا للحياة من منظور مختلف. بعد الجواز وبعد ما كبروا قدروا يحققوا اللي كانوا فاكرينه مستحيل،” أنهت أماني. 

 

داليا أكرم: عن الباليه في سن التسعة وأربعين

عمرها ما رقصت باليه وهي صغيرة، وفي أول الأربعينات، داليا أكرم 49 سنة، قررت تبدأ باليه وتاخد أول خطوات ليها في الليونة والمثابرة. 

قالت داليا، “جيت في مرة وأنا في الجيم لقيتهم بيعملوا تمرينات باليه للكبار ودي حاجة كان نفسي أعملها من وأنا صغيرة فسألتهم أنا ممكن أتدرب؟ قالولي ممكن ..وكنت في أول الأربعينات ساعتها.”

داليا عندها حياة مليانة ومشغولة، كونها أستاذة وبتدرّس في الجامعة، بس ده ماخلهاش تستغنى عن فكرة إنها ترقص باليه، اللحظة اللي استنتها سنين كتير. 

عدم قدرتها على رقص الباليه وهي صغيرة كان الحافز الأكبر لداليا عشان تحقق الحلم ده وهي كبيرة. “وأنا صغيرة، بابايا ماكانش محبذ لفكرة رقص  الباليه لأنه بيبوظ الشكل الأنثوى لجسم البنت، فمارقصتش ،” قالت داليا.

ذكرت داليا إن موضوع الوصول للباليه محتاج وقت وصبر. “هو عايز دقة عالية جداً. مش متصورة الحركة الواحدة فيها كام حاجة بتضبطيها في نفس الوقت. أطراف الصوابع مع الكعب مع الوقفة مع الرفعة مع الصباع…عايز يقظة،” قالت داليا. 

داليا خدت دروس باليه خصوصية في ستوديو Life Up Egypt للكبار ولاحظت انها تطورت بسرعة كبيرة. “لما بدأت أتدرب باليه، مدربتي ادتني دفعة ثقة كبيرة وكانت بتدعمني بشكل كبير،” قالت داليا.

ناس كتير بتفتكر إن الباليه من الحاجات اللي لازم تتعلمها من سن صغير، لكن داليا أثبتت للناس دي ان السن عمره ما كان عائق. 

قالت داليا إنها شخصيًا مش بتواجه تعليقات سلبية كتير لكن هي مش بتحب تشارك حاجات خاصة بيها  مع الناس. “يمكن حد واحد بس اللي علق وقال “باليه في السن ده؟” بس أنا ماهتمتش،” قالت داليا. 

“يمكن حد واحد بس اللي علق وقال “باليه في السن ده؟” بس أنا ماهتمتش،”

داليا شرحت إن الوصول لسن معين معناه نهاية أحلام كتير دي فكرة هدمت ناس وخليتهم يتراجعوا أو أصابتهم بإحباط وقالت إن الموروثات دي ضيعت ناس قبل كدة. 

“إنما دلوقتي الفكر اتغير والمراحل العمرية اتغيرت. أنا لسه شايفة فيديو لباليرينا بترقص مع حفيدها وعملت حركات كتير متعملهاش بنت عندها عشرين سنة،” قالت داليا.

بأدائها وحبها للباليه، داليا أكرم شاركت معانا حلمها في تكوين رقصة كاملة خاصة بيها من أولها لآخرها وعرضها بدون أي غلطات. 

No Comments Yet

Leave a Reply

Your email address will not be published.