التربية الإيجابية: لما يكون الكلام أسهل من الفعل

 

قبل ما أبقى أم، كنت دائماً بقول لنفسي إني هاربي أولادي على أعلى المعايير والأخلاق؛ بس دائماً الكلام أسهل من الفعل.

أنا مش عايزاهم يبقوا متنمرين، أو أشرار مع الأطفال التانية؛ ويحترموا أستاذتهم دائماً ومتعوانيين في فصلهم. أول ما بدأت بنتي تروح المدرسة، اتعرضت للتنمّر، وبقت ترجع من المدرسة زعلانة وخايفة. ماريا –بنتي- بطبيعتها طيبة جداً ومسالمة. وعمرها ما هاتأذي حد، ولا حتى هاترد على الإساءة أو التنمّر، لإنها أصلاً مش قادرة تفهم ليه ممكن حد يبقى عنيف. وده اللي خلاني أحتار.

أول أسلوب أتبعته علشان أدافع وأحمي بنتي من التنمر، قلتلها تروح تقول للمُدرسة، وفعلاً كانت بتقولها كل مرة بيحصل فيها تنمّر عليها، والمدرسة كانت بتتكلم مع الولد اللي كان بيوقعها أو بيضربها. بس هل ده منعه؟ لأ. فقررت المُدرسة تفصلهم عن بعض وتقعدهم في أماكن مختلفة في الفصل. بس هل ده منعه؟ برضه لأ. الولد كان قادر إنه يعمل كدة وقت الفسحة وفي النشاطات المختلفة. ماشي، واضح إني لازم أعلمها إن ماينفعش حد إنه يمدّ إيده عليها أو يأذيها بأي شكل من الأشكال. وفي عقلها الصغير الجميل كانت بتفكر: “لو ده غلط، ليه الأولاد التانية بيعملوه؟” مافيش إجابة واضحة أو محددة للسؤال ده. ماقدرش ألوم الأهل بشكل كامل، وأفتكر إنه ماعرفوش يربّوا أولادهم. في أطفال صعب التعامل معاهم والتحكم فيهم؛ في أطفال مابيسمعوش الكلام. بس أعمل إيه مع طفلتي الصغيرة اللي بتسمع كلامي فعلاً؟

واضح إني أخدت وقت طويل في التفكير. فلقيت ماريا بتحاول تطلع بحلول، وقررت تاخد حصص دفاع عن النفس على الإكس بوكس. اتصدمت إن مخها الصغير بدأ يفكر في طرق علشان تحمي نفسها. كتبت ملاحظاتها لأستاذتها في كتاب التواصل، بس خلينا واقعيين: مستحيل منع الحوادث دي بالكامل. وبالتالي حطيت كل كتب التربية الإيجابية على جنب، وقررت أعلم بنتي إزاي تكون إيجابية مع نفسها.

“حبيبتي، لو حد وقعك: وقعيه إنتي كمان”

“بس دول صحابي. مش عايزة أذيهم.”

“لما هما بدأوا وأذوكوي، يبقى هما مش صحابك. الصحاب مابيأذوش بعض.”

“طب ولو وقعتهم واتأذوا؟”

“حسيتي بوجع لما وقعوكي؟”

“أيوة، قوي. ركبتي اتعورت.”

“ساعات يا حبيبتي بتبقى الطريقة الوحيدة علشان نعرّف حد قد إيه تصرفاته مؤذية، هي إننا نعامله بنفس التصرف.”

 

“يعني إيه؟”

“لو حد وقعك؛ وقعيه. لو ماعملتيش كدة هايفضلوا دايماً يوقعوكي ويضايقوكي، علشان هايفتكروكي ضعيفة –وإنتي بنت قوية جداً.”

أنا مش ندمانة على الحوار ده مع بنتي. إحنا مانقدرش نخبي أولادنا في برج عالي، ونتوقع إنهم هايقدروا يعيشوا في العالم ده. أنا عايزة ماريا تفهم إنها غالية أوي، وإنها تقدر تحمي نفسها. طالما مش هي اللي بتقوم بالفعل، فهي مش غلطانة إنها بتدافع عن نفسها؛ لإن هو ده اللي الكبار بيعملوه، مش كدة؟

كتبت: ريجينا عناني

ترجمة: تسنيم عبدالله

No Comments Yet

Leave a Reply

Your email address will not be published.