أول ما الطفل بيتولد بيحطوه على صدر مامته عشان يهدي و يوقف عياط، و بمجرد ما يلمس بشرتها و يحس بضربات قلبها بيحس انه في أمان.
جسم أي إنسان فيه نوعين من الأجهزة العصبية: الجهاز العصبي السمبثاوي (الجهاز العصبي الودي)، الجهاز العصبي الباراسمبثاوي (الجهاز العصبي اللاودي).
الجهاز العصبي الباراسمبثاوي معروف كمان بإسم (استرخي و اهضم) لأنه بدوره يساعد على إخراج اللعاب عند الأكل و يساعد على إفراز الدموع و بيهدي من سرعة نبضات القلب. عشان كده لما بنحضن أي شخص بنثير الجهاز العصبي الباراسمبثاوي و بالتالي بنحس اننا في حالة استرخاء و راحة.
طب الأطفال من ذوي الهمم او ذوي القدرات الخاصة بيعملوا ايه لو هم مش حاسين ان حد بيلمسهم؟
طب ايه رد فعلهم لو شخص تاني لمسهم؟
عمري ما فكرت في أهمية التواصل الجسدي بين الناس سواء عن طريق السلام بالأيد، البوسة، الحضن، أو حتى ان حد يطبطب على كتفي و يقولي أنا هنا، لحد ما غمضت عيني للحظات و اتخيلت ان عمري ما جربت ان حد يلمسني، تفتكري ده هيعمل ايه للجهاز العصبي؟
الجهاز العصبي الوحيد اللي هيبقى المتحكم فينا وقتها هو الجهاز العصبي السمبثاوي اللي دايمًا في وضع الهروب أو القتال، حياتنا هتبقى جحيم متوترين طول الوقت، قلقانين، عصبين زيادة، مش عارفين ناكل و لا ننام.
أكبر دليل على كده انه اتسجلت حالات كتير لأطفال لسه مولودين و حالتهم ميؤوس منها بالنسبة للدكاترة بسبب ضعف الجهاز المناعي، لكن أول ما بيتعرضوا لأي تفاعل و تواصل جسدي مع البشر، خصوصًا الأم، حالتهم بتتحسن و جهازهم المناعي بيقوى و فرصتهم انهم يعيشوا بتزيد.
تالا أول ما اتولدت كنا بنعاني معاها جدًا، على طول بتقلق كل ساعة أو ساعتين من النوم، و ده بدأ يؤثر على صحتها ونفسيتها، جربنا معاها كل حاجة، جربنا نعمل لها مساج عشان ترتاح، جربنا ناخدها طول النهار بره البيت عشان ترجع تعبانه و تنام نوم عميق، جربنا مانخليهاش تنام في نص اليوم عشان تعرف تنام كويس بالليل بس مفيش حاجة نفعت، لحد ما في يوم من الأيام عدا عليا فيديو بيتكلم عن ليه الأطفال المصابين بالتوحد بيلجأوا (للتحفيز الذاتي) زي مثلًا انهم يعملوا نفس الحاجة بشكل متكرر، يسألوا نفس السؤال كذا مرة، يلفوا حوالين نفسهم في دواير، عرفت وقتها ان دي طريقتهم انهم يريحوا جهازهم العصبي.
جربت فعلًا الموضوع ده مع تالا و بدأت اني اخليها تجرب اللف حولين نفسها، شغلت أغنية و قعدنا نرقص و قعدت ألففها و الأغاني شغاله، مع انها داخت بس كانت مبسوطة جدًا و في اليوم ده كانت أول مرة من خمس سنين تالا تنام بالليل بشكل كويس.
عمري ما اتخيلت ان ممكن تكون كل المساعدة اللي محتاجها شخص و هو بيعيط اني بس امسك ايده، مكنتش متخيلة أننا كبشر مش هنقدر نكمل حياتنا عادي من غير الحضن أو اللمسة البسيطة اللي مش مقدرين قيمتها، عشان جسمنا بيدينا كتير أوي احنا لازم نقدره و نقلل من الضغوطات اللي عليه بإننا نحضن ولادنا و نبوسهم و نديهم المشاعر اللي محتاجينها، مش عشان بس نساعدهم و عشان احنا بنحبهم، لا عشان ده كمان بيقوي من جهاز مناعتهم و جهازهم الهضمي.
من غير تالا و وجودها في حياتي، في حاجات كتير جدًا ماكنتش هقدرها و ماكنتش هتعلمها، كل الحب اللي في الدنيا ليها.
رولا مؤمن، ام لطفلة ذات احتياجات خاصة ومدرسة كيمياء في مدرسة مانور هاوس القسم البريطاني، عندي شغف بالتدريس بالرغم من اني اتخرجت من كلية الصيدلة، بدأت اشتغل كمدرسة من اول ما اتخرجت، بدأت المدونة بتاعتي http://thetalaeffect.blogspot.com.eg وصفحتي على الفيسبوك Mother of a Challenged Kid عشان اشارك تجربتي مع بنتي واحاول انشر التوعية عن الموضوع ده واشجع الاهالي التانيين انهم يشاركوا بقصصهم عشان نتعلم من بعض.
