الآباء والأمهات العزاب: جيش من شخص واحد

ترجمة: نوران العشري

 

محدش يقدر ينكر إن مسؤولية تربية طفل دي مسؤولية كبيرة بالذات لو في ظروف  صعبة زي الطلاق. في المواقف دي، لازم الأب والأم يبذلوا كل جهدهم مش بس عشان يحافظوا على صحة الأطفال النفسية، كمان عشان يخلوا المرحلة الانتقالية دي تعدي بسلاسة ومن غير ألم. الأهالي العزاب بيلاقوا نفسهم في الأغلب بيقوموا لوحدهم بدور شخصين. ده غير وجهة نظر المجتمع القاسية على الأهالي العزاب.

 

اتكلمنا مع أربع أهالي عزاب مُلهمين: يارا قاسم، أم لطفلة واحدة؛ محمد صالح، أب لطفلين؛ رحاب خليل أم لطفلة واحدة و أ.م، أب لطفل واحد، عشان نعرف أكتر عن تجربتهم في تربية أطفالهم  لوحدهم.

 

ماينفعش نتكلم عن الطلاق من غير ذكر المفهوم المنتشر عن إن الطلاق مش كويس عشان الأولاد، بغض النظر عن مدى تعاسة الزوجين بسبب الجواز ده. يارا شرحت لنا أنها عانت من المفهوم ده لفترة في جوازها وقالت لنا “وصلت لاقتناع إن مفيش حاجة هتبقى صحية في بيئة مُرهقة نفسيًا. لو أنتوا مش سعداء، عمركوا ما هتخلوا الأولاد سعداء.”  بالنسبة لرحاب، الأسطورة دي اتكسرت بدري عن كدة، وشرحت ازاي “لما شفت أهلي بيتخانقوا طول الوقت لدرجة خلتني أتمنى لو اتطلقوا، ماحبتش إن بنتي تكبر في بيت مافيهوش حب.”

 

في المواقف الصعبة، الدعم اللي بيلاقيه الشخص من الناس اللي حواليه هو اللي بيعمل الفرق كله والدعم اللي لاقاه محمد جه في شكل مفاجأة سارة، “لقيت الدعم من طليقتي، موقف العيلة كان عكسي فاتفقنا أنا وهي إننا نساعد بعض ونعمل الموضوع ده بشكل صح.” بالنسبة ل أ.م، دعم صحابه كان مفاجئ بالنسبة له، “أكتر دعم جالي كان من ناس مش متوقعين، كأن ربنا بعتلي ناس معينة.”

 

رغم ده، يارا ورحاب قالوا إن هم اللي كانوا بيساندوا نفسهم، “للأسف أهلي كانوا ضد الطلاق، مكانوش فاهمين أسبابي،” شرحت رحاب. بالنسبة ليارا، ده كان اختيارها هي، “مش الناس اللي خيبت ظني، أنا اللي قررت إني أدخل المعركة دي لوحدي، ماكنتش عايزة أشيل حملي لحد.”

 

موضوع قانون الأحوال الشخصية اتفتح زي المتوقع، وقالتنا رحاب، “محتاجين قانون يدعم الأهالي العزاب، قانون يساعد الأمهات المطلقات ماديًا. صحابي في أوروبا بياخدوا بدل مناسب لتربية الأولاد وللمدارس كمان.”

 

بس كان في نقطة تانية اتطرحت من أ.م، “القانون الحالي باختصار بيخدم ويفضل الأمهات من ناحية الحضانة والأبهات من الناحية المادية. رغم إنه من الواضح إن الأطفال بيحتاجوا الأم والأب قد بعض، مش إن الأب يبقى على الهامش أو مجرد ماكينة فلوس، لازم يبقى ليه دور مهم في حياة الأطفال.”

 

الأهالي الأربعة عندهم هدف واحد وهو صحة وسعادة أولادهم، عشان كدة الأربعة اتفقوا على ضرورة الحفاظ على علاقة كويسة مع الأزواج السابقة. قال محمد، “قررنا إننا نتعامل كناس عقلانية ومتحضرة واتفقنا إن الأولاد دايمًا هم الأولوية. أكيد عملنا غلطات، بس كنا بنفكر بعض. التواصل هو أهم حاجة.”.

 

الاحترام والحرص على إن نفسية الأطفال تبقى دايمًا رقم واحد كانت من الحاجات اللي مشيت عليها رحاب. “كنت حريصة إني أخلي علاقتي بطليقي كويسة. كنت حاسة إن دي أهم حاجة عشان نفسية  بنتي ومشاعرها وشخصيتها يبقوا في أحسن حالة،” وكملت رحاب وقالت، “قلتله لازم نحترم بعض دايمًا قدام البنت.” اتفق أ.م مع الكلام ده وقال، “الاحترام والأمانة، دول الحاجتين اللي لازم يبقوا موجودين، لازم يبقى في نضج يخلي مصلحة الطفل فوق أي حاجة.”

 

“الاحترام والأمانة، دول الحاجتين اللي لازم يبقوا موجودين، لازم يبقى في نضج يخلي مصلحة الطفل فوق أي حاجة”

 

استشارة مختص نفسي للانتقال من المراحل دي بتبقى ساعات فكرة حكيمة وده اللي عملته يارا بعد الطلاق، “أخدت بنتي – اللي كان عندها حوالي ست سنين وقت الطلاق – لمعالج نفسي وده ساعد بنسبة كبيرة.” بس طريقة محمد كانت مختلفة، راح هو وطليقته لأخصائية نفسية قبل ما يعلنوا خبر الانفصال للأولاد. “رحنا من غيرهم وحضرنا جلسة واحدة. الأخصائية كانت سعيدة جدًا إن احنا الاتنين كنا متواجدين، لأن عادةً شخص واحد اللي بيروح والتاني بيبقى رافض الفكرة. قالت لنا على نقاط معينة ناخد بالنا منها وساعدتنا في الطريقة اللي نوصلهم بيها الخبر.”

 

تربية الطفل دي عملية صعبة للأزواج، بالأخص لو الأهل منفصلين وبالتالي الدعم اللي بياخده الشخص من الناس اللي حواليه بيفرق جدًا وده اللي قالته يارا، “بعد الطلاق لاقيت دعم كبير من أهلي وصحابي وحتى طليقي، في احترام متبادل وصداقة في علاقتنا بتخلي الموضوع أسهل بالنسبة لي أكيد.”

 

الطريقة اللي بيتعامل بيها أ.م مع ابنه مبهرة، “من ساعة ما حصل الانفصال واتفقنا إنه هيبقى معايا نص الأسبوع، وأنا باخد بالي منه من اللحظة اللي بيدخل فيها البيت. بغير له، بأكله، بأخرجه وألعب معاه، بنيمه في السرير وبجيبله اللعب واللبس وبعلمه كلمات جديدة، فبخلي بالي كويس من ابني كأب عازب.”

 

رغم إن دعم الأهل والأصحاب بيساعد بنسبة كبيرة، بس المجتمع بيصعب الأمور على الأهالي العزاب، زي ما قالت يارا، “المجتمع لازم يغير الفكرة الغلط عن الأهالي العزاب إنهم وحشين، أشرار أو ليهم سمعة مشكوك فيها. ده هياخد وقت كبير أكيد، بس لازم تبقى في خطوات واضحة تتاخد لتحقيق ده. زي مثلًا إننا ندمج الأفكار دي في الأفلام والمسلسلات.” رحاب أيدت الكلام ده وقالت، “لازم الوعي في مجتمعنا يزيد عن الأهالي العزاب، لازم الناس تتعلم احترام وتقدير مجهود الناس دي. بس اللي بيحصل في الحقيقة هو عكس ده تمامًا. الوعي والدعم لازم يبدأ من الإعلام والمنظمات الغير حكومية.”

 

الفكرة المنتشرة عن الأبهات العزاب هي إنهم مش عارفين هم بيعملوا إيه، “في فكرة غلط منتشرة وهي إن الأبهات مهرجلين ومش عارفين المفروض يعملوا إيه، ادوا للأبهات حقهم أكتر!” قال أ.م وافتكر موقف حصل لما واحدة ست إفتكرت  إن ابنه لابس الجزمة بالمقلوب عشان هو اللي لبسهاله غلط مع إن دي كانت تعليمات الدكتور لرجل ابنه في الوقت ده.

 

لما اتكلمنا عن التنمر، تلاتة من الأهالي قالوا إنهم هيتعاملوا مع الموضوع من جانب ولادهم. قالت رحاب، “لازم نعلم أولادنا يبقوا أقوياء وياخدوا حقهم بنفسهم. الطفل لازم يعرف إنه ميبقاش مكسوف من أي حاجة بيعملها غير الحاجات الغلط. أنا علمت بنتي إنها متستناش رضا  الناس، لأن عمر ما هيعجبهم أي حاجة.”

“أنا علمت بنتي إنها متستناش رضا  الناس، لأن عمر ما هيعجبهم أي حاجة”

طريقة يارا اعتمدت على التأكيد على بنتها إن مفيش حاجة غلط في الطلاق، قالت يارا، “الأهالي العزاب لازم يكونوا شفافين، واضحين وأمناء مع ولادهم الأول. لازم يتكلموا معاهم بتفتح عن الطلاق ويبقوا مستعدين يجاوبوا أي سؤال. ده هيقلل عُرضة الطفل للاستفزاز بسهولة. هيبقى من الأفضل لو الزوجين عندهم علاقة كويسة ببعض، ويتفقوا على نسخة واحدة  من القصة اللي هتتقال للأطفال. بالطريقة دي، هيقدروا يقنعوا ولادهم إن الطلاق شيء عادي ومافيش حاجة تكسف فيه.”

 

على الناحية التانية، أ.م طرح نقطة مهمة محتاجة تتوجه للمتنمرين نفسهم وقال، “لازم يتعلموا الرأفة. لازم يفهموا إن مش كل الناس ظروفهم كويسة زيهم وفي ناس ظروفهم أحسن منهم، مش معناها إن حد كويس وحد وحش ومش المفروض يجرحوا حد على حاجة مش عندهم.”

 

في الآخر، ييجي السؤال عن العائلات الغير تقليدية واحتمالية الجواز مرة تانية. مع إن محمد ويارا وأ.م قالوا إنهم مش بيفكروا في الموضوع، رحاب كان عندها رأي تاني وقالت، “أكيد بفكر في الجواز مرة تانية وإني أكبر عيلتي. طليقي اتجوز تاني وزود لبنتي أخين جُمال وبيحبوا بعض جدًا. دي حاجة تانية لازم مجتمعنا يفهمها…إن الطلاق مش نهاية العالم. لازم دايمًا نبدأ من تاني وندي لنفسنا فرصة لحياة جديدة ونبقى مستعدين لحب جديد.”

No Comments Yet

Leave a Reply

Your email address will not be published.

 

FOLLOW US ON

Anniversairy CampaignWhat Women Want 16th Anniversary