من سن العشر سنين، أماني حسني، الشابة المصرية صاحبة الـ34 عام، كانت عارفة إن عندها شغف مختلف عن كل البنات اللي في سنها: شغف بالعربيات!
أماني إتولدت واتربت في الكويت. وهي عندها 13 سنة، رجعت تعيش في مصر. وخلال طفولتها، كانت بتروح مع باباها ومامتها مشوايرهم لورش ميكانيكي السيارات. وعكس معظم البنات، أماني كانت بتستمع جداً بالفُرجة على برامج الخاصة بالسيارات ولعبة الميكانو (ألعاب السيارات بتتبني يدويا)
والد أماني كان دايما بيتمنى إنها تدرس صيدلة وتبقى صيدلانية، لكن هي كانت عايزة تختار طريق تاني لنفسها. وكحل وسط، قرروا إنها تدرس فنون تطبيقية. ولكن شغفها كان له رأي تاني. بعد ثلاث أسابيع جامعة، أماني فاجئت والدها بمكالمة تيلفونية بتقوله فيها إنها قررت تدرس هندسة في جامعة العاشر. مامتها وقرايبها إتفاجئوا، لكن كلهم دعموا قرارها وشجعوها.
في أول سنة لأماني في الجامعة والدتها دعمتها مادياً. لكن من تاني سنة والسنين اللي بعدها، أماني بدأت تشتغل علشان تدفع مصاريفها بنفسها. أول شغل ليها كان ميكانيكية في الحرفيين. أماني بتحكيلنا عن التجربة بتقول “كان غريب بالنسبالهم إنهم يشوفوا بنت بتشتغل في المكان ده. بس أنا قدرت أنجخ فيه لإني كان عندي العلم والمعرفة الكافية، زي ما هما عندهم الخبرة والمهارة.” شغلها في الحرفيين كان بيتضمن تغيير الزيت والفلتر، تجميع قطع الغيار، أعمال صيانة على خفيف، وتصليحات تقيلة.
وبتكمل كلامها عن تجربتها في الحرفيين “خطوة بخطوة، حاولت أثبتلهم إني جاية هنا علشان أتعلم مش علشان ألعب. ماكانش سهل أبداً إني أقدر أثبت نفسي في مجتمع زي ده، بس مع الوقت هما قدروا يفهموا إني جيت علشان أتعلم منهم وأضيفلهم كمان، مش علشان آخد مكانهم وشغله.”
أصدقاء أماني ومعارفها ماكانوش متقبلينها في الأول، أماني بتقول “في البداية صحابي كانوا شايفيني كائن فضائي. وكانوا مستغربين إزاي بنت تقدر تشتغل في العربيات وقطع الغير والزيت، وتعيش بضوافر مكسورة وصوابع متوسخة. بس بعد كدة بدأوا يشجعوني أكمل وأتطور أكتر.”
أماني كانت بتحلم إنها تبقى مدربة علشان تعلّم الناس فنّ تصليح العربيات، ومبادئ الشغل، وتخلق جيل من الميكانيكية المتعلمين. كانت مؤمنة إن تصليح السيارات علم لازم يُدرّس. فأخدت كورسات كتير، ودبلومات، واتفرجت على فيديوهات كتير على يوتيوب علشان تطوّر مهاراتها.
أماني بإصرارها ومثابرتها قدرت تكون أول ست في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدرس وحدة السيارات المتكاملة في بوش، وبقت مدربة معتمدة. بالإضافة لكونها أصغر مدربة في العالم، وأول مدربة في الشرق الأوسط.
خلال دراستها الجامعية، أماني إشتغلت كمدربة تقنية بدوام جزئي، وإشتغلت كمان في قسم تطوير الأعمال والمبيعات في شركة بوش العالمية. بعد التخرج ، أماني إشتغلت كمدربة تقنية في جنرال موتورز (GM). واتخرج من فصولها في جنرال موتورز أكتر من 200 طالب تقريباً، من 2008 لحد 2010. وفي 2010، قررت تنتقل إلى “ساحة المعركة”، زي ما بتحب تسميها. انضمت للقاهرة الوطنية للسيارات (CAN) – مرسيدس- ، وإشتغلت هناك في تشخيص الأعطال في العربيات، وتحديد أي فريق مؤهل لتصليح الأعطال دي. وبعد كدة انضمت لشركة المصرية للسيارات والتجارة (EATC)، -فولكس فاجن- ومكتب أودي الرئيسي في مصر. وانضمت كمان لمقر مرسيدس بنز كمدير التدريب. المرة دي، إتخرج تقريباً 120 طالبً من فصولها الدراسية. وكانت كمان أول ست في مصر تشتغل مديرة مركز خدمة بالوكالة في سكودا.
في 2015، أماني دربت اللاجئين في مدرسة كارل بنز ، واحدة من أبرز المدارس الفنية في ألمانيا، واختاروها هناك علشان تلقي خطاب لـ اللاجئات علشان تشجعهم يحققوا أحلامهم. أماني بتقول “ملخص خطابي كان إن اللي بيشتغل بضمير وبيتعب في شغله هايوصل دايماً لأهدافه وأحلامه، بغض النظر عن عرقه أو جنسه أو دينه أو ظروفه”.
أماني بتتمنى تنشأ ورش ميكانيكية مختلفة عن الورش الموجودة دلوقتي في مصر. وكمان بتحلم تُنشأ “أكاديمية غير هادفة للربح، وبدون رسوم تسجيل” لتعليم الطلاب الغير قادرين على إكمال تعليمهم، ويتعلموا فيها حرف مهنية تفيدهم في المستقبل، وتقضي على البطالة.
وبتتمنى تشوف الستات بيشغلوا مناصب إدارية في شركات العربيات في مصر. أماني بتقول “أنا هافضل أشتغل بكل طاقتي لحد ما أوصل للقمة، أو حتى أي ست تانية توصل للقمة.”
كتبت: مارينا ماكاري
ترجمة: تسنيم عبدالله