ترجمة: تسنيم عبدالله
من كام شهر، بدأت أدور في جوجل على دول بشكل عشوائي، بحاول أشوف هاسافر فين بعد كدة؟
قابلني مقال بيتكلم عن الصخور الكنسية في لاليبيلا في أثيوبيا فقررت في ساعتها. اتواصلت مع شركة سياحة، جهزت للرحلة، حجزت تذكرتي، وبقيت مستعدة للسفر. كنت بعد الأيام لحد معاد طيارتي لأديس أبابا. بس لازم أقولكوا إنه تقريباً أنا الوحيدة اللي كنت متحمسة إني هازور البلد دي (طبعاً علشان قريت عنها)، بس مفيش حد تاني حواليا كان متحمس زيي. الحقيقة، أغلب الناس كانوا بيحاولوا يقنعوني ماروحش لإن ماحدش يعرف أي حاجة عن أثيوبيا. وبرغم كل حاجة قررت أكمل رحلتي للمجهول ومابصش ورايا. وده كان قرار صح مية في المية! ولو خيروني تاني هاروح من غير تفكير.
مش بس طبيعة ساحرة وبجد جميلة، ده غير الصخور الكنسية اللي لفتت انتباهي من أول لحظة، لكن كمان كل ما مشيت أكتر في مدن وقرى أثيوبيا، كل ما عرفت إن طبيعة أثيوبيا مش أحلى حاجة فيها، لكن أحلى حاجة فيها هما ناسها، اللي أنا ممتنة ليهم جداً علشان علموني دروس عمري ما هانساها في حياتي.
درس #1: خد الأمور على مهلك
في ناس ممكن تنتقد الأثيوبيين على تقلهم وحركتهم البطيئة (وبصراحة الموضوع كان معصبني أول كام يوم)، بس في سبب وراء البطئ ده وهو إن وسط معمعة الحياة اليومية في العاصمة، بنبقى دائماً مستعجلين، عايزين نلحق المواعيد، الديد لاينز، الشغل، الخ. وبننسى ناخد نفسنا ونقف نبص حوالينا نشوف إيه اللي بيحصل.
الدرس #2: ابتسم… دائماً
تعبير بسيط ومعروف ومع ذلك تأثيره قوي جداً. ومع إن كلنا عارفين إنه مهم إننا نبتسم، ساعات بننسى. بنسلم على صحابنا، زمايلنا في الشغل، وقرايبنا، واحنا مكشرين ومش واخدين بالنا، لإن دماغنا شغالة على طول ومليانة أفكار. في أثيوبيا شفت راجل بيتسلق جبال السيميان (أسرع مني بمراحل)، شايل حاجات على ضهره، بيدوب من الشمس والحر، بس برضه مبتسم في وشي. فليه بقى مع كل وسائل الراحة اللي عندنا، إيه يمنع إننا نعمل زيه؟
درس #3: ارضى
من غير مبالغة، مفيش مرة ولا مرة واحدة قابلت فيها حد هناك بيشتكي. كل شخص قابلته كان مرتاح وراضي جداً عن اللي معاه مهما كان قليل –برضه كان بيبقى راضي.
درس #4: كون طيب ومتسامح
تبان مش محتاجة تفكير، بس في الوقت ده والسن ده، ساعات بننسى نبقى كويسين مع اللي حوالينا ومع نفسنا. اتعودنا على الانتقادات والقسوة لدرجة إن لما بنلاقي حد بيتعامل بلطف وطيبة بنتفاجئ ونستغرب. وساعات، بنشك في نوايا الشخص اللي بيتعامل بطيبة علشان نسينا يعني إيه حد يبقى كويس معانا. كتير مننا اتحول لعدو نفسه، ومنهم أنا. بس لو مش هانقدر نبقى لطاف وحنينيين مع نفسنا إزاي هانقدر نبقى كدة مع غيرنا؟
درس #5: خليك صادق
وكأن في قانون مش مكتوب بس بيتنفذ بالمللي في أثيوبيا وهو: الصدث. بمعنى تاني، إن ماحدش بيستخبى ورا وش تاني مش وشه، ماحدش بيخبي حاجة، ودي حاجة بهرتني بصراحة. مابيخبوش حقيقتهم علشان يبهروا بعض، ولا بيداروا عادتهم وتقاليدهم، علشان هما فخورين بأصلهم بجد. بيفتخروا بأخطائهم ونواقصهم من غير أي خجل، في مقابل الشغل بكل جهدهم علشنا يحسنوا من نفسهم ومن مجتمعهم. على عكس معظم دول العالم الثالث.
لحد اللحظة دي، كل مرة بقول لحد إني لسة راجعة من أثيوبيا، بيندهشوا أوي.. وبلاقي اعصار من الاسئلة خبط في وشي. وفي حين إن الكلام عن أثيوبيا وجمالها وليه لازم كل الناس تروحها مابيخلصش، الكلام مابيسعفنيش زي ما أنا عايزة. من بين كل الدول اللي أنا زورتها، دول قليلة أوي اللي خلتني عاجزة عن وصفها بالكلام. وأثيوبيا منهم. أنا سيبت حتة من قلبي هناك، مع الطبيعة، والأسود والحيوانات البرية، والناس الطيبين.
هافضل دائماً ممتنة لرحلتي لأثيوبيا ولكل الناس اللي قابلتهم فيها –في الوقت اللي بجد كنت محتاجاها فيه- قدرت أفكر نفسي بدروس أنا كنت محتاجة أفكر نفسي بيها بجد.
نبذة: عن هند سيف الدين
عندها شغف كبير للفنون والأدب، هند خلصت بكاليريوس صحافة، وأخدت ماجستير في الأدب المقارن. فنانة، ومحررة سابقة، ومساعدة مدير العلاقات –في فندق فيرمونت نايل سيتي، مهتمة بالسفر، تاريخ الفنون، الرسم، الفلسفة، علم النفس، وطبعاً الأدب. نباتية، وداعمة لحقوق الحيوان.