من فترة قررت أقفل حسابات السوشيال ميديا بتاعتي للأبد، وخصوصاً إنستاجرام. وده لإني كل ما أفتحه ألاقي فاشونيستاز في كل حتة قدامي، بيقولوا لنا نلبس إزاي ونلبس منين ولازم يبقى شكلنا عامل إزاي، وغصب عننا بنقع في فخ “الإنبهار” بكل التفاصيل دي، وبنعمل اللي بيقولوا عليه حتى لو كان هايكلفنا ثروات هائلة! ممكن نشتري شنطة بألف دولار علشان نلبسها يومين ع البحر، أو شنطة ماركة “توري براش” بأضعاف الرقم ده علشان نحط فيه البامبرز بتاع البيبي!
أنا يمكن في يوم من الأيام، قدرت أشتري شنطة من الشنط الغالية دي، لمرة واحدة في حياتي وماكررتهاش تاني، لإن دي أقصى مرحلة تقدر إمكانياتي المادية توصلها. لكن في ناس تانية بتخلص فلوس الكريدت كارد بتاعتها كلها، وبتزنق نفسها طول الشهر، وممكن بتستلف كمان، علشان بس تشتري شنطة “براند”!
إحساس حلو إنك تبقي ماسكة شنطة براند وغالية جداً، وتمشي واثقة في نفسك وحاسة إن ماحدش قدك. لكن عمرك فكرتي كان ممكن تجيبي إيه بتمن الشنطة البراند دي؟ مع ارتفاع أسعار الدولار وتعويم الجنيه إحنا بقينا في أزمة إقتصادية حقيقية؛ فـإيه اللي ممكن يخلي واحدة تروح تشتري شنطة ب20 ألف جنية (غالباً مستعملة قبل كدة) في حين إنها كان ممكن تسافر بالمبلغ ده لـ 3 دول؟ ليه تفضل سايبة عربيتها اللي بتسرّب عوادم وغازات بتبوظ البيئة، ومش عارفة تمشي بيها، مع إنها كان ممكن تصلحها وترجعها جديدة زي ما كانت بنفس الرقم ده ويمكن أقل؟ الموضوع كله مسألة أولويات.
دايماً في صوتين جوانا، صوت بيقولك “اشتري دلوقتي، واقلقي بعدين” وأحياناً بيقولك اشتري دلوقتي وماتقلقيش خالص! في بنات كتير بشوفهم في دايرة معارفي بيصرفوا مرتب الشهر بتاعهم كله علشان يشتروا جزمة. وده ممكن يبقى منطقي بالنسبالي لو كنت وارثة مثلاً، أو عندي مكنة ATM، أو البراند دي إنبهرت بيا فقررت تبعتلي المنتجات بتعتها ببلاش كل شهر علشان أعملهم دعاية على إنستاجرام. لكن الحقيقة مش كدة! الحقيقة إن اللي هما بيعملوه ده يُعتبر إنتحار مادي! مش بس علشان المحفظة بتاعتهم بقت فاضية قبل حتى نص الشهر، وبعدين يقعدوا طول الشهر مفلسين ويستلفوا من صحابهم، لكن كمان علشان هما كدة بيدعوا إنهم أشخاص تانيين غيرهم.
الست اللي ممكن تدفع آلاف مؤلفة في شنطة، أكيد ظروفها، وحياتها، دايرة معارفها، مختلفين عن ظروفك. وكمان شريك حياتها وظروفه وحياته مختلفة، علشان يقدر يوفرلها كل إحتياجتها دي.
الصوت التاني هيقولك: “فوقي، تقدري تكملي حياتك من غير الشنطة دي!” وده الصوت اللي جوايا في أغلب الأحيان. مش هاضحك عليكي وأقولك إني مابضعفش، أنا أحياناً كتير بقع في نفس الفخ ده, لكن قدرت مع الوقت ألاقي طريقة أتجنب بيها المشكلة دي؛ لما بلاقي حاجة تعجبني مابشتريهاش في ساعتها، الأول بروّح البيت أحسب أنا معايا فلوس قد إيه ولو إشتريتها هايفضلي فلوس قد إيه، بقارنها بالمنتجات اللي شبهها الموجودة عندي أو الموجودة في السوق بس بنص الثمن، وبفكر إيه الفايدة اللي هاتعود عليا لما المنتج ده يبقى في الدولاب بتاعي؟ وفي أغلب الأحيان بصرف نظر عنها.
افتكري دايماً إن المبلغ اللي هاتدفعيه في شنطة تستعمليها شوية وتزهقي منها، ممكن تدفعيه في اشتراك جيم لمدة سنة، أو في سبا يحسّن من بشرتك ويخلي نفسيتك أحسن. السعادة اللي بنحسها لما بنشتري حاجة جديدة بتبقى مؤقتة ومابتستمرش كتير، استثمري فلوسك في حاجات تحسّن من جودة حياتك، وفي نفس الوقت جددي في دولابك. بس دايماً فكري إيه هي أولوياتك؟
ترجمة: تسنيم عبدالله