ساعات بسأل نفسي أنا إيه اللي بعمله هنا في الدنيا دي! بسأل نفسي أسئلة عميقة، زي إحنا اتولدنا فعلاً علشان نسدد الفواتير اللي علينا ونموت؟ ليه أنا محبوسة في مكتب أربع حيطان وشغل مابيخلصش؟ هل هابقى مبسوطة لو كنت عايشة حياة تانية؟ إيه اللي هايحصل لو سبت كل حاجة ومشيت لمكان بعيد؟ الدنيا هاتقف لو ماحدش عرف يوصل لي؟ أنا مابتكلمش عن الموت –بالعكس أنا بتكلم عن الحياة.
سؤال أعمق، يعني إيه حياة؟ إيه اللي يخلي حياتي مثيرة للإهتمام أكتر من حياتك؟ بقلّب في إنستاجرام طول الوقت وبشوف فيديوهات وصور المدونين اللي بيسافروا طول الوقت وبيلفوا العالم كله، كل يوم صورة لمكان شكل، شكلهم بيبقى جميل في حمام السباحة أو فوق الجبل، وأكيد صورتهم بتبقى مبهرة في مكان كل خضار وشمس. يبانوا كأنهم عايشين حياة مثالية ومفيش حاجة نقصاهم- حياة ممكن أموت علشان بس أعيشها.. بعد ما فكرت بأربع أيام سافرت دبي “رحلة عمل”، ماعملتش حاجة غير إني فضلت أعيط علشان مخدتي، وسريري، وحمامي، وجوزي، وأولادي وحشوني… ونرجع لنقطة الصفر –أنا بعمل إيه في الدنيا دي؟!
وهنا تكمن المشكلة- كلنا عايزين اللي مش في إيدينا، إحنا مش بس عايزين اللي مش في إيدينا إحنا مابنعملش أي حاجة علشان نوصل للي إحنا عايزينه. في يوم صديقة كانت بتسألني ليه الناس بتتحبس جوّا العلاقات. جوابتها، إننا مش بس بنتحبس جوّا العلاقات، إحنا بنتحبس جوا كل حاجة بتحسسنا بالإرتياح –مش بالضرورة انبساط لكن ارتياح. أنا محبوسة جوا مكتب، علشان دي أكتر حاجة أنا بعرف أعملها كويس. أنا ماعنديش الشجاعة الكافية إني أبعد عن الحاجة اللي بعرف أعملها كويس، وأجرب حاجة جديدة ومميزة احتمال تغيّر حياتي كلها. اتعلمت واتدربت على شغلي وبعمله بقالي سنين فأصبح هو أنا. دبي بالنسبالي مكان مخيف، من غير الحاجات والناس اللي أنا متعودة يكونوا معايا.
بفضل دايماً أفكر نفسي إني مش شجرة، وأقدر أتحرك –بس دايماً مابقدرش. بصحى كل يوم وأنا متوقعة تحدي جديد، حاجة مميزة، حدث مهم؛ حياة- لكن عمري ما خدت أي خطوة علشان كل ده يحصل. فكرة إني بتجه ناحية المجهول بتخوفني وغير مرغوب فيها من كل البشر، بس يمكن المعروف والمعتاد مش سيء زي ما أحنا حاسّين.
وقتها بس، لما حسيت إني عمري ما هلاقي إجابة لأسئلتي واستسلم- لقيت الإجابة. آنا مش عايزة أكون مدونة سفر، أنا عايزة أسافر. أنا مش عايزة شغل بتستميت في شغلها، أنا عايزة وظيفة محترمة. مش عايزة علاقتي بجوزي تبقى علاقة عشق وتضحية زي اللي في الأفلام، أنا عايزة راجل يحبني وبيت مريح. أنا مبسوطة. أنا ست عندها 33 سنة مابتحبش المغامرة. أنا مبسوطة –ودي الإجابة على كل تساؤلاتي. أنا مش كسولة بس في نفس الوقت أنا مش مهووسة بالرياضة ولا بحاول أوصل للوزن المثالي. أنا مش مهملة؛ ولا قاتلة نفسي في الشغل –لكن أنا شخص ملتزم بشغله وبحاول أعمل كل اللي أقدر عليه علشان أنجح فيه وفي المقابل بقبض مبلغ كويس. مش بطمح إن كتب التاريخ تفتكرني لكن دايما بتمنى أسيب أثر كويس في كل مكان بروحه. وأهم من كل ده أنا مش بسعى للكمال –ولا برضى بأقل من اللي بتمناه. أنا ببحث عن السعادة –مدركة لأحلامي البسيطة وبحاول أكون مبسوطة.
النهاردة –في سن ال33- فهمت إنك مش محتاج تعمل أعمال بطولية علشان تبقى. مفيهاش حاجة لو كنت طبيعي، العالم محتاج ناس طبيعية أكتر. مفيش مجال لأبطال خارقين أكتر من كدة؛ بس الأكيد إن في أماكن كتير للزوجة مجتهدة في شغلها، بتساعد عيلتها إنها تكون أحسن. كل واحد بطل بطريقة أو بأخرى. النهاردة أنا اتعلمت إنك تكون عظيم هي فكرة في العقل؛ والإنبساط فكرة من القلب. النهاردة بس فهمت إن حياتي عظيمة زي ما هي. لا هي فخمة ولا تنفع تبقى على السوشيال ميديا، جواز سفري مش مليان تأشيرات. أنا ست طبيعية، مستقرة، وراضية؛ وده اللي بيخليني بطلة خارقة.
كتبت: نورا مصطفى
ترجمة: تسنيم عبدالله