عن الجمال الطبيعي والتنوع:الجمال مش شعر مفرود وبشرة فاتحة!

ترجمة: تسنيم عبدالله 

لما مصممة الأزياء القبلية آمنة الشاندويلي،كان عندها اتناشر سنة، كانت بتجمع مجلات الفاشون والموضة. وبتعمل من قماش الستائر بتاع مامتها لبس علشان اللعب بتاعتها؛ فكان من الطبيعي جداً إنها لما تكبر تبقى مصممة أزياء. و آمنة بتبص على البنات اللي علي المجلات دي وهي صغيرة، كانت بتسأل مامتها “ليه كل البنات دي مش شبهي ولاشبه حد قرايبي؟ ليه كلهم بشرتهم فاتحة؟ ”

نيجي بقى لجهاد عبد الله، اللي مفيش زيها ناس كتير.. بتشتغل في مجال الفاشون وستايلست لأكبر الممثلين. لما حماتها -سابقا-شافتها أول مرة، قالت لابنها “هي حلوة، بس سمراء”..بس جهاد عمرها ما بتسمح للمجتمع، ولا للإعلام إنها تحدد مقياس الجمال بالنسبة الها أو تأثر على نظرتها لنفسها أبداً.

لو في حاجة مشتركة بين آمنة وجهاد، هاتكون قدرتهم على كسر وتغيير معايير الجمال دي… كلنا اتربينا بنتفرج على التليفزيون والمجلات، ودائماً بنسأل نفسنا هو إحنا ليه مش شبههم، ليه مش مثاليين زيهم كدة. “البنت اللي على الغلاف” حاسين بضغط ومضطرين نفرد شعرنا، نصبغه أصفر أو ألوان فاتحة، وهكذا من كل المحاولات اللي سيطرت على حياة بنات كتير في مصر، نفسهم يوصلوا لمقاييس جمال مش موجودة في مجتمعنا.

السؤال هنا، ليه دائماً الجمال مربوط بالبشرة الفاتحة والشعر الفاتح؟ مين اللي سمحناله يحدد الستات لازم يبقى شكلهم عامل إزاي علشان يبقوا حلوين؟ إزاي بقت دولة أفريقية وأغلبية ناسها بشرتهم سمراء بيدوروا على معايير الجمال الأوروبية؟ إحنا محتاجين نفهم إن الجمال الحقيقي موجود في الاختلاف.. لازم نحكي حكايتنا، ونوري للعالم كله صورنا واحنا فخورين باختلافنا.

الستات في مصر أشكالهم وأحجامهم مختلفة جداً، ودرجات بشراتهم بتختلف من البيضاء أوي للسمراء، وأنواع شعور مختلفة، وكل نوع من الاختلاف ده لازم يتحب ويتقدر.

 آمنة الشاندويلي:

 

آمنة لما كان عندها عشر سنين، وبتروح تشتري لبس العيد مع مامتها. ماكنتش بتلاقي حاجة غير الفساتين البينك اللي مليانة ورد، وده ماكنش شبهها ولا بيعبر عن شخصيتها. كانت بنت زي بنات كتير عايزين يلعبوا براحتهم بشورت وتي شيرت.

في المرحلة دي، آمنة اكتشفت العالم اللي تقدر فيه تصمم فساتينها ولبسها بنفسها زي ما هي عايزاه. مامتها كانت بتاخدها عند خياطة وبالتالي قدرت في المستقبل تنجح وتكسر الدنيا بنظرتها وهويتها في الفاشون. وبعد عشر سنين تقريباً، آمنة اللي عندها 27 سنة، بقت المؤسسة والمديرة التنفيذية لخط الأزياء بتاعها، اللي بتعبر بيه عن ثقافات مختلفة، مصرية وفرعونية وأفريقية. أزياء بتجمع بيها بين الثقافة والتاريخ  وأحياناً العمارة، علشان تخلق قطع فنية ملهمة وفي نفس الوقت شيك ومختلفة.

أول مجموعة لآمنة كانت “الطريق للفيوم” آمنة بتقول: اخترت موديل كانت نسخة من أختي.” الكولكشن نجح، بس وقتها في 2009..الموضوع كان ممكن يبقي حاجة غريبة بتتعمل لمجرد التجديد.”

ومن وقتها، آمنة فهمت إن كل خطواتها فيها حاجة مشتركة،وهي إنها ماشية عكس تيار المجتمع. وفهمت كمان قوة الأفكار اللي بتناقشها في كل تصاميمها. آمنة بتتحدى الطبيعي والمتعارف عليه في كل مجموعة بتعملها. عملت جلسة تصوير لمجموعة من عندها كل العارضين والعارضات اللي فيها كانوا سُمر علشان تغير المفاهيم التقليدية للجمال. وقفت ضد العنصرية في كولكشن “الطريق لنيروبي” اللي كان بيعرض تصاميمه رجالة وستات بشرتهم غامقة.

آمنة قدوة ومثل أعلى لبنات كتير، سُمر وشعرهم كيرلي، زيها؛ وبيبعتولها رسائل على السوشيال ميديها بيعبروا فيها عن حبهم ليها ولشغلها ولشعرها!

آمنة بتقول: “سألت نفسي أنا ليه مش شبه البنات اللي شعرها طويل ومفرود، بس ده اللي خلاني آمنة اللي أنا عليها دلوقتي.” في مواجهة كل التريندات وأي حاجة طالعة موضة.. آمنة قصت شعرها أو تقريبا حلقته، والسبب وراء ده كان برضه علشان تكسر معايير الجمال. آمنة بتوضح: “قبل ما أقص شعري بكام شهر، عملت ستوري عن إزاي الشعر الكيرلي بقى تريند دلوقتي، وده هايبقى حاجة مش حلوة لما يتحول لشيء تجاري ومنتشر جداً.”

سألت نفسي أنا ليه مش شبه البنات اللي شعرها طويل ومفرود، بس ده اللي خلاني آمنة اللي أنا عليها دلوقتي.

ماكنتش عايزة تمشي ورا التريند، آمنة دائماً بتدور على الحاجة المختلفة والمتفردة، ماكنتش عايزة شكل شعرها يحطها تحت أي تصنيف. آمنة بتحب وشها، لون بشرتها، وشغلها وتصاميمها. آمنة بتحكي إنها بقت بتسمع ستات بتقول: “أنا بكره شعري، وعايزة أخليه كيرلي” وبتضيف، إنه مع الرسالة المغلوطة عن الشعر الكيرلي، البنات اللي شعرهم مش كيرلي هايحسوا إنهم مالهمش مكان. آمنة بتقول: “الفكرة في الشعر الكيرلي الشعر الكيرلي ان الستات يفتخروا ويرتاحوا بطبيعة شعرهم الكيرلي، مش علشان تجبر الستات اللي شعرهم مش ملولو ولا كيرلي إنهم يشتروا منتجات غالية جداً علشان يمشوا ورا التريند والموضة.” وبتكمل، إننا عندنا مشكلة في مجتمعنا مش بنعترف بحاجة اسمها اختلاف، وده دور الميديا في تقديم رسالة مهمة جداً، زي الإختلاف.

آمنة مؤمنة إن وإحنا صغيرين دائماً بنحلم نبقى شبه البنت اللي صورتها علي المجلة..أنا بقرأ جملة “هي حلوة بس سمراء” في الكومنتات علي السوشيال ميديا وعلى صور فرحي، بس بنبسط لما بشوف الناس بترد عليهم وبيقولوا لهم ليه هي البنت السمراء مش حلوة؟”

 

جهاد عبد الله

مفيش حاجة بتقف قدام، الجميلة، جهاد عبد الله. كستايلت للمشاهير، جهاد بتشتغل في صناعة بتعرض وبتصور عارضات أزياء طول الوقت، اللي شكلهم قريب جداً من الملامح الأوربية. من بشرة فاتحة، لشعر طويل مفرود وفاتح، لجسم رفيع ومثالي، الخ. جهاد، الاستايلست من أصول نوبية  بتحكيلنا عن أفكارها عن معايير الجمال ودمج ستات مختلفين عن المعايير دي في شغلها وفي جلسات التصوير. لما جهاد بتشتغل في جلسات التصوير مع الماركات، ساعات الماركات دي بيرفضوا أي موديل بشرتها سمراء، تحت مبرر “إنها مش جميلة أوي ” ..بس السؤال هنا من وجهة نظر تجارية حتي، “لو ست بشرتها سمراء شافت اللبس بتاع البراند دي مش هتحس انها شبه البنات اللي لابسة اللبس ده.. مش هتشتريه”

الشركات لازم تحط في اعتبارها فكرة انها تكلم كل الناس كخطوة مفيدة ليهم.علشان مشروعهم يكبر وينجح أكتر. إحنا بنقدم منتج  للكل “.

جهاد بتشتغل في مجال الإعلام والأزياء. وكتبت عن الموضة والأزياء في مجلة Enigma وكانت Fashion Director فيMO4 Network ،واشتغلت كمان  Managing Partnerفي شركة العلاقات العامة  Carousel World ، مع أختها الملهمة جداً زيها، داليا جلال. جهاد كمان كانت ستايلست لعدد من المشاهير في المسلسلات والأفلام.

في إشاعة كده إن البنات اللي بشرتهم سمراء ماينفعش يلبسوا أبيض، علشان بيغمقهم؛ جهاد رأيها إن دي مشكلة في نظرتنا لنفسنا، وليه مش حابين نبقى أغمق أو أسمر أصلاً “أنا بحب ألبس أبيض، وده لوني المفضل، وبحس إنه بيكملني.”

من حسن حظها، جهاد كانت بتلاقي كل الدعم والتشجيع اللي هي محتاجاه من كل الستات اللي في حياتها. هي وأختها داليا، اتربوا على فكرة إنهم جمال جداً وإنهم يحسوا بالثقة في شكلهم ولونهم. “أنا اتربيت في أسوان، وكان حواليا طول الوقت ستات سُمر جمال، وكنت دائماً بشوف إن أمي ست جميلة جداً. وعمري ما سألتها أنا ليه بشرتي أغمق أو ليه شعري مختلف عن البنات اللي معايا في المدرسة.” جهاد بتقول. أول مرة جهاد سمعت فيها جملة “هي حلوة بس سمراء”، ثقتها بنفسها وذكائها ماخلوهاش تتأثر بالعكس التعليق ضحكها، “أنا بزعل على الناس اللي بتفكر بالطريقة دي، بيبقوا أمهات ولادهم على وش جواز، وكل اللي بيفكروا فيه إن الست اللي ابنها هيتجوزها تبقى بشرتها فاتحة.”

كطفلة بتتفرج على التليفزيون جهاد كانت بتلاحظ إن مفيش ممثلات سُمر كتير. “عرفت إن في مشكلة، إحنا عارفين إن الجمهور مش متعود يشوف ستات سُمر في التليفزيون. لما نفهم أهمية الاختلاف في الميديا، هايبقى طبيعي نشوف أنواع جمال مختلفة على الشاشة.”

في أمثلة على نجوم مصريين بشرتهم سمراء، قدروا يواجهوا التحديات وأخيراً أثبتوا موهبتهم، ومنهم الأسطورة أحمد زكي اللي واجه تحديات كتير، وصبر كتير لحد ما  الناس شافت موهبته.

بتحكيلنا جهاد عن تجربتها كستايلست، وبتقولنا إزاي في كتير مننا  بيمشي وراء أي موضة عمياني! وبيفقدوا هويتهم وهويتنا المصرية بشكل عام. وبتضيف أن في فكرة عامة وهي أنه علشان تبقي جميلة لازم بشرتك تبقى فاتحة، ” المنتجات اللي بنشوفها كل يوم بتقولنا أنه لازم تكوني أفتح علشان تبقي أحلى، ومابفهمش ليه في متخصصين مكياج بتستخدم كريمات تفتيح أو كريم أساس علشان يفتح البشرة. وبتختم جهاد:

“انتي بتفتحيني ليه..أنا عايزة أبقى سمراء وعايزة بشرتي تبقى سمراء.”

جهاد مابتسمحش للتعليقات السلبية أنها تأثر عليها أو تحبطها، لإنها فخورة جداً بأصلها وبتقول إن بيجيلها مكالمات من ناس عايزينها تشارك في مسابقة ملكة جمال مصر، أو ملكة جمال أفريقيا؛ “بيقولوا لي ملامحك فرعونية جداً، فبحس إني مختلفة، حاجة حلوة جداً إنك تبقى مميز، دي هدية من ربنا.”

هايحصل إيه لو بقى التنوع هو مقياس الجمال الجديد؟ مقاييس جمال بتخلي اللي شغالين في صناعة السينما والتجميل يفكروا مرتين قبل ما يستبعدوا بنت سمراء أو شعرها كيرلي موهوبة علشانها “مش حلوة”. معايير جمال تخلي المجتمع يسأل إزاي بيشوف الجمال شعر فاتح مفرود و بشرة فاتحة. معيار يخلي ستات زي آمنة وجهاد مصدر إلهام لبنات كتير بيبصوا على صور المجلات ونفسهم يبقوا مكانهم في يوم من الأيام.

 

تصوير: أمينة زاهر
مجوهرات: عزة فهمي
مكان التصوير: Nut Boutique Farm Lodge
شعر: Kriss Beauty Salons 
ميك أب: دينا راشد
Art Director: ميريهان غالي  

No Comments Yet

Leave a Reply

Your email address will not be published.