عاملات المنزل القاصرات، بين انتهاك طفولتهم وفقر عائلاتهم

عامله المنزل اللي بتشتغل عند صاحبتي عندها 6 سنين، بتنضف وبتغسل، وبتطبخ، وبتخلي بالها من ابن صاحبتي اللي في نفس سنها تقريباً، ماحدش بيلعب معاها، ولا حد بيحضنها أو يطبطب عليها لما تزعل، ماحدش بيشوفها هي محتاجة إيه، ولا حد بيدلعها، مالهاش أي حق تطلب طلبات الأطفال الصغيرين؛ لكن الأكيد إنها مفروض عليها إنها تنفذ طلبات أطفال قدّها أو أصغر.

لو كنت مكانها كنت هابقى بموت كل يوم من الغيرة، الفكرة عصبتني! ليه بنت صغيرة تشوف كل الأطفال اللي حواليها وكمان الطفل اللي معاها في البيت، كلهم بيتحبوا، وبيتعاملوا أحسن معاملة، وبيتجابلهم كل اللي هما عايزينه، في حين إنها نادراً لما حد بياخد باله إنها موجودة أساساً!

مامة صاحبتي شايفة إن دي حاجة عادية، وإن دي واجباتها إنها تنضف وتعمل شغلها كخادمة وخلاص على كدة، مش من حقها إن حد يهتم بيها وبإحتياجتها أو تنبسط أو حتى تتفسح، هي مكانها المطبخ وبس.

في مرّة كنت مع صاحبتي وسمعت البنت الصغيرة دي بتكلم مامتها، المكالمة كانت كلها أوامر وتوجيهات علشان تسمع كلام أصحاب البيت وماتعملش أي حاجة غلط  تضايقهم، وسألتها لو تحب تروح تزور أهلها -برغم إنهم بيتصلوا بيها كل فين وفين بعد ما خدوا المرتب بتاعها لمدة سنة قدّام وكأنهم بيأجرّوا بنتهم- قالتلي “لأ!” ولما سألتها ليه، قالتلي ” أنا مش عايزة أسيب هنا، مش عايزة أسيبهم، أنا بحب أقعد هنا جداً” اللي كنت فاكراه بالنسبالي مكان غير إنساني وظلم ليها، طلع بالنسبالها جنة!

عمرها ما بتطلب حاجة، هي بتنفذ اللي بيتطلب منها وخلاص. تحس إنها إنسان آلي بيمسع وبينفذ بس لما تبقى موجودة وسط ناس غريبة أو في قعدة  كبار. بس لما بتبقى مع الأطفال مع ابن صاحبتي بتبقى واحدة تانية خالص! بتبقى طفلة بتلعب وبتضحك زي الأطفال العادية.

بس أحياناً كتير ماحدش بيرضى يلعب معاها، وأحياناً تانية بشوف الأطفال بيتريقوا عليها ويهينوها علشان شكلها غريب؛ الأم الكبيرة مصرّة تلبسها كدة علشان ماحدش يفتكر إن دي بنتهم! هي لسة بتشتغل هناك وماظنش إن أهلها هايسمحولها تسيب الشغل ده أبداً.

البنت دي مش البنت الوحيدة اللي بتعاني من كل ده. أنا أقدر أتخيل سيناريوهات مرعبة لما تشتغل عند عيلة تانية وتتعرض للتحرش أو الاعتداء الجنسي. ماحدش هايعرف وماحدش هايهتم أصلاً! البنت دي لما تكبر هل هايبقى عندها قدرة تحب حد؟ أو تحب نفسها حتى؟ ماظنش.

ومع إن حياة البنت دي كخادمة أحسن بكتير من حياتها مع أهلها، بس ماينفعش تبقى هي دي الاختيارات الوحيدة اللي قدامها إما إنها تعيش خادمة وماتستمتعش بطفولتها ولا بحياتها، أو إنها ترجع تعيش في جحيم مع أهلها.

في حلول كتير علشان نخلص من عمالة الأطفال وتشغيل البنات القاصرات في البيوت، زي التبرعات للعائلات الفقيرة علشان يبطلّوا يشغلوا عيالهم، عمالة الأطفال جريمة خطيرة لا يعاقب عليها القانون، المجتمع عايش معاها ومتقبلها وماحدش بيعترض عليها، علشان كدة لازم إحنا نرفض نشغل الأطفال، دي هاتبقى خطوة قوية ومؤثرة نقول بيها إن إحنا بنرفض عمالة الأطفال.

بتمنى يجي علينا يوم مايبقاش عندنا حد فقير أو محتاج، بتمنى يجي نوم نقدر نوّفر فيه للأطفال دي أبسط حقوقهم وإحتياجتهم.

 

 

No Comments Yet

Leave a Reply

Your email address will not be published.